التهجير القسري واستهداف البنية التحتية: الاحتلال يهدد بقاء فروش بيت دجن
في ظل اتجاه أنظار المجتمع الدولي نحو ما يجري في قطاع غزة، تشدد إسرائيل قبضتها على الضفة الغربية، لا سيما على المناطق المسماة "ج" التي تشكل 61% من مجمل الأراضي، كونها تتعامل معها على أنها مخزون أراضٍ مؤقت سيشكل جزءًا مما يسمى "الدولة الإسرائيلية" مستقبلًا. ويتكبد الفلسطينيون في هذه المناطق كفاح يومي في ظل الإجراءات الإسرائيلية المشددة، إذ يُمنعون من بناء البيوت وحفر آبار المياه والتوسع السكاني واستصلاح أراضيهم ورعي أغنامهم، ويتعرضون لملاحقة متواصلة من قبل الاحتلال الذي يفسح المجال بلا قيود للتوسع الاستيطاني.
قرية فروش بيت دجن مثالًا، حيث يعد الاحتلال على المواطنين أنفاسهم لطردهم من أراضيهم والاستيلاء على ما تبقى منها. القصة لم تبدأ مؤخرًا، بل هي فصل متجدد يزداد حدة منذ عام 1967، حين أصدرت قوات الاحتلال قرارًا بوقف جميع إجراءات تسوية الأراضي، وداهمت مكاتب التسوية وصادرت كافة الوثائق المتعلقة بذلك. أدى هذا الوضع إلى بقاء النسخ الأصلية من الوثائق لدى الجانب الأردني، مما أفقد شهادات التسجيل الأردنية التي تملكها غالبية أراضي القرية شرعيتها بعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية. وأصبح من الضروري الحصول على موافقة الإدارة المدنية لكل إجراء يتعلق بالأراضي. ومن أجل فرض الحقائق الاستيطانية على الأرض، حظرت حكومة الاحتلال أي نشاط بناء في القرية وإن التبعات المترتبة على منع البناء خطيرة للغاية. وأيضًا لا يمكن إغفال تأثير "خطة آلون"، التي وُضعت في القرن الماضي بهدف ضم أراضٍ فلسطينية في القدس والجولان والأغوار بعد تفريغ السكان من تلك المناطق لتسهيل السيطرة عليها.
وبلغت هذه الممارسات ذروتها بعد السابع من أكتوبر، حيث نفذ الاحتلال عمليات هدم طالت 22 منزلًا مأهولًا، و9 منشآت زراعيّة. كما وسلّمت حكومة الاحتلال إخطارات هدم لـ 25 منزلًا آخر. وفي تصعيد خطير وفي إطار سلسلة الانتهاكات التي تستهدف المؤسسات الفلسطينية، هدمت قوات الاحتلال مبنى مجلس قروي فروش بيت دجن بهدف شل عملها وعزل المواطنين عن مؤسساتهم الشرعية. وإن هذا الهدم ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من جرائم الاحتلال، التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وتدمير المدن والقرى والبلدات الفلسطينية وبنيتها التحتية. وإن في ذلك انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.
ومن منطلق مسؤوليته الوطنية والإنسانية، عمل مجلس قروي فروش بيت دجن جاهدًا للتخفيف من معاناة المواطنين وتقديم الدعم اللازم لهم عبر تنفيذ سلسلة من الإجراءات التي ساهمت في تعزيز صمودهم، وإيصال صوتهم إلى العالم.
مع ارتفاع وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية بحق مواطني فروش بيت دجن، وتحديدًا مع استمرار إصدار إخطارات الهدم، أدى المجلس دورًا استثنائيًا في إرشاد المواطنين ومساعدتهم في التعامل مع هذه الإخطارات، من خلال الاستعانة بمسّاح أراضٍ وتحضير الوثائق اللازمة، والخطوات القانونية المثلى للاعتراض على قرار الهدم ومواجهته بفعالية.
وبسبب القيود الإسرائيلية على المنطقة، واجه سكان قرية فروش بيت دجن صعوبات كبيرة في تأمين الكهرباء، إذ حظرت قوات الاحتلال تركيب مولدات جديدة وبناء أي مشاريع ذات علاقة، مع ذلك، تمكن المجلس من إيجاد حل مؤقت من خلال ربط مولد كهربائي موجود في المدرسة بالشبكة الداخلية، مما وفر الكهرباء لمعظم المنازل. إلا أن بعض المنازل البعيدة ما زالت تعاني من ضعف في التيار.
يُقال إن فروش بيت دجن، قرية فلسطينية عطشى فوق نهر من الماء، حيث تُعيق سلطات الاحتلال بناء خزانات المياه بهدف تهجير أهلها قسرًا. إن واقع المياه في القرية مأساوي، إذ تعاني من انقطاع المياه لفترات طويلة خلال فصل الصيف، بالإضافة إلى سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي على بعض الآبار الارتوازية، ما يحرم المواطنين من الاستفادة من مياهها. وفي هذا السياق، يسعى المجلس القروي إلى تنفيذ مشروع جديد لتوسيع شبكة المياه داخل القرية.
يبذل المجلس جهودًا كبيرة للتخفيف عن المواطنين ومساعدتهم في مواجهة الظروف الصعبة التي تعيشها القرية، فقد قام المجلس بالتنسيق لاستقدام عيادة طبية متنقلة لتقديم خدمات الرعاية الصحية مجانًا لسكان القرية بالتعاون مع مؤسسة أطباء العالم. ولمواجهة أزمة المياه في الزراعة، حيث قام المجلس بالتعاون مع الاغاثة الزراعية الفلسطينية وزارعة الزراعة بتنفيذ خطوط مياه وربطها بخمسة آبار ارتوازية بأطوال 9000 متر من أجل تجنب استخدام المياه الملوثة وتوفير أمن غذائي صحي.