مجلس قروي عصيرة القبلية في مواجهة آثار الحرب والعدوان
ارتفعت وتيرة اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه على بلدة عصيرة القبلية جنوب نابلس المحاذية لعدة مستوطنات من ضمنها مستوطنة "يتسهار" التي تطلق عنان مجموعات كبيرة من المستوطنين للهجوم على القرية بين الفينة والأخرى، حيث أحرق المستوطنون عدة أراضي في البلدة، وحاولوا إحراق 15 منزلاً. فباتت عصابات المستوطنين جيشا موازيا لجيش الاحتلال، الذي أمعن من جانبه أيضًا في إجراءات وممارسات التضييق على الفلاحين والمزارعين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم، عدا عن الحواجز العسكرية التي نصبها لمنع مواطني القرية من الحركة والتنقل. ذلك كله، لجعل المنطقة غير قابلة للحياة، وفتح الباب الهجرة الطوعية وتسهيل سرقة الأرضي وضم الضفة.
تحت وطأة هذه الظروف، يظهر دور مجلس قروي عصيرة القبلية في حماية المواطنين، ورسم سياسات وأهداف جديدة في ظل حالة الطوارئ الحاليّة، لضمان استمرارية تقديم الخدمات للمواطنين دون انقطاع، من خلال:
1. التخطيط المكاني: حماية المناطق الحساسة من العدوان
حدد مجلس قروي عصيرة القبلية المناطق الحساسة والمعرضة لخطر الاستيطان؛ من أجل حمايتها بشكل مسبق عبر التخطيط المكاني الفعّال الذي يُعدّ أحد الأدوات الرئيسية في مواجهة سرطان الاستيطان. تضمّن هذا التخطيط دراسة شاملة للأراضي المهددة، وتحليل المخاطر الاسرائيلية المحتملة، وتطوير خطط حماية تتضمن بناء الحواجز وتوسيع البنية التحتية في تلك المناطق كوسيلة فعالة لحماية تلك المناطق.
2. التنسيق والتعاون: شراكات استراتيجية لمواجهة الاستيطان
يتطلب التصدي لعمليات الاستيطان جهودًا منسقة تشمل التنسيق الأمني والقانوني، حيث يتم تعزيز التعاون مع الجهات الأمنية المختصة ومتابعة القضايا القانونية المتعلقة بالاستيطان لضمان حماية المواطنين وممتلكاتهم. كما يتم تقديم الدعم القانوني الكامل للمتضررين من الاستيلاء على أراضيهم، وتشجيعهم على رفع قضايا أمام المحاكم الوطنية والدولية، بما في ذلك محكمة العدل الدولية، لفضح الممارسات الإسرائيلية غير القانونية ومحاسبتها. بالتوازي مع ذلك، يجري التعاون مع المؤسسات الحقوقية المتخصصة، مثل مركز القدس للمساعدات القانونية ومركز أبحاث الأراضي، لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية ورفع الوعي الدولي حولها، بهدف فرض عقوبات على إسرائيل لوقف الاستيطان في جميع المناطق المتضررة. ولتعزيز حقوق الملكية، يتم دعم أصحاب الأراضي في إصدار الوثائق التي تثبت ملكياتهم، حيث يتكفل المجلس القروي بتغطية تكاليف إصدار هذه الوثائق، مما يعزز من صمود المواطنين في وجه الاستيطان.
ويعد التعاون مع مؤسسة "العمل ضد الجوع" أحد الأمثلة البارزة على الشراكات الناجحة التي أقامها المجلس القروي لمواجهة سياسات الاستيطان الإسرائيلية. من خلال هذه الشراكة، تم تنفيذ مشروع توسعة شبكة المياه في المناطق القريبة من المستوطنات، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز صمود المواطنين وتلبية احتياجاتهم الأساسية في ظل التحديات اليومية التي يفرضها الاحتلال. هذا التعاون لم يكن مجرد استجابة لحاجة فورية، بل كان جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية من مواجهة الضغوط التي يمارسها الاستيطان، وضمان استمرارية توفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
3. البناء المؤسسي والتنمية المستدامة: تعزيز الصمود والبنية التحتية
يولي مجلس قروي عصيرة القبلية اهتمامًا خاصًا بتعزيز البنية التحتية والخدمات في المناطق المهددة بالاستيطان كونها جزء من استراتيجيته للتنمية المستدامة. على سبيل المثال، شَرَع المجلس في شقّ الطرق الزراعية في المناطق المسماة "ج" والمجاورة لمستوطنة يتسهار، مّا سهل وصول المزارعين إلى أراضيهم وعزز قدرتهم على الاستمرار في الزراعة. تعتبر هذه الجهود جزءًا من استراتيجية أوسع لتعزيز الاقتصاد المحلي وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية.
وفي ظل التصعيد المستمر من المستوطنين، قام مجلس قروي عصيرة القبلية، بدعم من مؤسسات دولية، بتحصين المنازل القريبة من مستوطنة يتسهار بحواجز حديدية وأسوار شائكة. هذه الخطوة الوقائية تهدف إلى حماية الممتلكات وتوفير بيئة آمنة لسكان القرية، مما يساهم في تعزيز صمودهم في مواجهة محاولات التهجير القسري.
4. رفع الوعي وتوحيد الجهود: مناهضة الاستيطان على جميع المستويات
يضع مجلس قروي عصيرة القبلية رفع الوعي بمخاطر الاستيطان وتوحيد الجهود لمواجهته على رأس أولوياته. من خلال تنظيم ندوات وورش عمل بالتعاون مع مؤسسات داعمة للقضية الفلسطينية، يسعى المجلس إلى تعزيز وعي المجتمع المحلي وحشد طاقاته للمشاركة الفاعلة في الحفاظ على الأراضي. كما يقدم المجلس مساعدات مالية وعينية للأسر المتضررة من سياسات الاحتلال، بما في ذلك أسر الأسرى والجرحى والعمال، وذلك لتمكينهم من الصمود في وجه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية
5. توثيق الانتهاكات وإيصال صوت الضحايا: دور الإعلام في المناصرة
من خلال إصدار تقارير دورية مفصلة، تمكن مجلس قروي عصيرة القبلية من توثيق الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة بشكل شامل وموثوق. وقد لعبت هذه التقارير دورًا حيويًا في تسليط الضوء على معاناة الأهالي اليومية، حيث وثقت مختلف أشكال العنف الممارس ضدهم من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي، وتدمير الممتلكات، والاعتداءات الجسدية.