بلدية نابلس: خطوات وإجراءات لمواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلي
إعداد: بلدية نابلس
لم يعد خفيًا على أحد، أن إجراءات الاحتلال بأذرعه المختلفة تعمل بشكل متكامل في اتجاه واحد، وهو تضييق سبل الحياة اليومية في وجه الفلسطينيين وجعل حياتهم مستحيلة، لا سيما منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث تستهدف إسرائيل الوجود الفلسطيني بكل مكوناته ومقدراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي مدينة نابلس بالتحديد، وفي زمن يحاك فيه الحصار على المدينة، تحتد إجراءات الاحتلال واعتداءات مستوطنيه، لتحيل حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق. فوفقًا لتقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن قوات الاحتلال والمستوطنين نفذوا 7681 اعتداءً في الضفة خلال النصف الأول من العام 2024، كان نصيب محافظة نابلس منها 1093 اعتداء. وتراوحت الاعتداءات والإجراءات بين فرض وقائع على الأرض؛ كمصادرة الأراضي وتوسعة الاستيطان والتهجير القسري، والإعدامات الميدانية، وتخريب وتجريف الأراضي، واقتلاع الأشجار، والاستيلاء على ممتلكات، والإغلاقات، والحواجز التي تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية وتحيل المدن الفلسطينية إلى سجن كبير وتجعل التنقل فيما بينها قطعة من العذاب. ومن يسلم من حواجز الاحتلال فإنه لا يضمن سلامته من اعتداءات المستوطنين المنتشرين في شوارع الضفة، بحماية قوات الاحتلال، يلعبون دورًا لا يقل خطورة عما يرتكبه جيش الاحتلال من جرائم وترهيب وتنكيل.
لقد ألقت هذه الحرب المجنونة بظلالها وتداعياتها على مختلف جوانب الحياة، فمن جهة، يحرص الاحتلال الإسرائيلي على تدمير الشوارع وترك مخلفاته فيها وتخريب البنية التحتية بعد كل عملية اقتحام. وتعطيل العمل البلدي واستهداف طواقم عمل بلدية نابلس. ومن جهة أخرى، الأزمة المالية الخانقة التي تواجهها البلدية والتي تحول دون المضي قدمًا في مشاريع تأهيلية للمدينة وبنيتها التحتية. وذلك ما استوجب على بلدية نابلس أن تبادر لاتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير للمساهمة في التخفيف من تداعيات هذه الحرب.
وكان على رأس هذه الإجراءات، تخصيص المراكز الثقافية التابعة لبلدية نابلس وملعبها لاستقبال وإيواء عمال قطاع غزة الذين تم ترحيلهم من أماكن عملهم في مناطق داخل الخط الأخضر، وتجهيز أماكن نظيفة للنوم بالتعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني في المدينة لتوفير مختلف الاحتياجات اللازمة لما ما يزيد عن 350 عامل، يتواجد منهم بعد مرور أكثر من 9 أشهر على الحرب 50 عاملًا.
إجراءات بلديّة نابلس في الحدّ من آثار العدوان:
وفي إطار سعيها المتواصل لتحسين الواقع الصحي، قامت بلدية نابلس بتقديم كافة التسهيلات اللازمة لاستقبال المستشفى الميداني الأردني، تنفيذًا لقرار الحكومة الفلسطينية. وقد تم اختيار جزء من حدائق جمال عبد الناصر كموقع مناسب لإقامة المستشفى، مع تخصيص مركز بلدية نابلس الثقافي "حمدي منكو" كمقر للإدارة. وحرصت البلدية على توفير كافة الاحتياجات اللوجستية للكوادر الطبية الأردنية، حيث قامت آلياتها بتجهيز الموقع في أسرع وقت ممكن، لضمان بدء تقديم الخدمات الطبية للمواطنين بشكل فوري. يأتي ذلك في إطار سعي البلدية لتخفيف العبء المادي على المواطنين، حيث يقدم المستشفى خدماته بشكل مجاني.
ومن منطلق الالتزام الوطني لدى البلدية، أرسلت طواقمها وآلياتها لإزالة آثار العدوان ومخلفاته من الشوارع والأماكن التي تضررت جراء الاقتحامات الأخيرة التي نفّذها الاحتلال على محيط مفترق الغاوي والشوارع المحيطة به في نابلس، والاعتداءات الوحشية التي شنها الاحتلال على مخيم نور شمس في محافظة طولكرم.
كما وارتأت بلدية نابلس إعادة صياغة خطة تنظيم الأسواق التي كان من المقرر تنفيذها، بالتعاون مع مختلف مؤسسات المدينة الرئيسية مثل المحافظة وشرطة نابلس والغرفة التجارية واللجان التنظيمية، لإعادة تنظيم وإزالة كافة التعديات من قبل التجار وأصحاب البسطات. حيث سمحت الخطة الجديدة لعدد أكبر من العمال لممارسة أعمال البيع على البسطات، وذلك دعمًا للمواطنين الذين فقدوا مصادر رزقهم جراء الإجراءات الإسرائيلية المشددة.
وضمن التخطيط الاستراتيجي لمواجهة الأوضاع المستقبلية المحتملة، فقد اتخذ المجلس البلدي عدد من التوصيات من ضمنها تجهيز آبار ومحطات ضخ المياه وتزويدها بمولدات كهربائية تعمل بالسولار، تحسبًا لما هو أصعب في حال تعرضت مصادر الكهرباء لأي هجوم في المستقبل.
حشد الدعم والتأييد الدّولي:
وأيضًا، حرصت بلدية نابلس على نقل صورة ما يحصل في غزة إلى المجتمع الدَّوليّ، ودعتهم إلى التحرك من أجل وقف العدوان على غزة. إذ أنها وجهت خطابات عديدة للمؤسسات الدّولية والمدن التي تربطها في البلديّة علاقات توأمة وتعاون، دعتها فيه للتدخل الفوري والعاجل من أجل وقف المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وتوفير الحماية الدَّوليّة للشعب الفلسطيني. وندد البيان بعمليات الإبادة الجماعية بحق المدنيين العزّل، والتدمير غير المسبوق للبنية التحتيّة والمؤسسات الصحيَة.
واستجابةً لهذا الخطاب، نظمت العديد من المدن المتوأمة مع بلدية نابلس مظاهرات وفعاليات تضامنيّة مع غزة، ففي مدينة ستافنجر النرويجية، وبمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطينيّ، لبّى العديد من سكان المدينة دعوة لرفع العلم الفلسطيني على بيوتهم وإضاءة الشموع تخليدًا لذكرى شهداء العدوان على غزة. وفي مدينة برشلونة الإسبانيّة، احتشد عدد من المتضامنين أمام كنيسة "ساغرادا فاميليا" التاريخيّة، ووضعوا على الأرض أكياسًا بيضاء تمثل الأكياس التي احتضنت أجساد الشهداء من أطفال غزة أمام ساحة بلازا دل ري. وشهدت مدينة ليل الفرنسية مسيرة تضامنيّة رفع خلالها المشاركون لافتات نددت في العدوان على غزة.