عين عريك | إنشاء بئر تجميع مياه النبع

من يقف على أطراف الوادي في عين عريك، يلمس أن الماء يحفظ سرّ القرية. في صفحته تنعكس ألوان الرمان والليمون، وتطفو أصوات الأجيال التي مرّت من هنا، كأن النبع يخبّئ الذاكرة ليعيدها كل صباح. لكن سرّ عين عريك ليس في طبيعتها وحدها، بل في نسيجها الإنساني أيضًا؛ قرية لا تبعد سوى ستة كيلومترات عن رام الله، لكنها تبدو كفلسطين مصغّرة: مآذن تتعانق مع أجراس الكنائس، وتاريخ طويل من التنوّع الذي صار هوية قائمة بذاتها.

ومع ذلك، يبقى هذا السر مهدّدًا. فالقيود على التوسع العمراني تخنق القرية، والاستيطان يلتهم أراضيها، والمياه – موردها الأثمن – تتسرب وتضيع. كأن التناقض في عين عريك يتكرر يوميًا: جمال أخضر يفيض بالحياة، يقابله واقع سياسي يضيّق الخناق.

هنا يتقدّم مشروع "إنشاء بئر تجميع مياه النبع – عين عريك" كخطوة تعيد للماء مكانته كركيزة للحياة. البئر صُمم ليجمع ما يقارب 200 متر مكعب يوميًا من مياه "العين التحتا"، ويوقف نزيف 40% من الفاقد، فيحوّل الماء المهدور إلى طاقة تعيل ألفي نسمة تعيش في القرية، 60% منهم من سكان المناطق المسماة "ج"، حيث الحرمان من أبسط حقوق التخطيط والبنية التحتية.

الأثر لم يكن رقمًا في تقارير، بل تحوّلًا في تفاصيل الحياة: المزارعون استعادوا قدرتهم على التوسع بعد أن زادت الرقعة الزراعية المستفيدة بنسبة 10%؛ المجلس المحلي سجّل نموًا في موازنته لعام 2024 بلغ 20%، ما فتح المجال لتحسين خدمات إضافية؛ وسبعة من شباب القرية وجدوا في المشروع فرصة عمل جديدة ربطت معيشتهم مباشرة بمورد أرضهم.

يشكّل مشروع البئر في عين عريك جزءًا من حيوية متنامية تنسجها مبادرات المجتمع المحلي. شباب القرية، عبر المجلس الشبابي الذي تأسس حديثًا، باتوا في قلب الحركة التنموية، يقودون أفكارًا جديدة ويثبتون حضورهم في صناعة القرار. 

هذا المشروع جزء من برنامج المنح الفرعية الذي ينفذه الاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية في المناطق المسماة "ج". المبادرات المنبثقة عن هذا البرنامج ليست مجرد تحسين للبنية التحتية، بل أدوات عملية لتثبيت الناس في أرضهم، وتوسيع مساحات الحياة في وجه الحصار والمصادرة، وتحويل التنمية إلى فعل صمود يومي يحفظ الحق والذاكرة والوجود.

بتمويل من: الاتحاد الأوروبي والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون