شبتين | مشروع تطوير الحديقة العامة

في شبتين غرب رام الله، يفتح البئر القديم فمه الحجري كأنه صفحة لم تُغلق من كتاب التاريخ. دلاء كثيرة تعاقبت على حوافه؛ ملأها المزارعون العائدون من حقولهم، وتوقفت عنده النساء لملء الجرار وتبادل الحكايات، وركض الأطفال حوله كأنهم يحرسون ذاكرة القرية بأقدامهم الصغيرة. حضارات مرّت من هنا، وأزمنة تعاقبت، لكن البئر ظل شاهدًا على أن الماء لم يكن يومًا مجرد مورد، بل روح حياة ربطت الناس بأرضهم وحفظت وجودهم.

ورغم هذه الجذور الضاربة في التاريخ، لم تسلم شبتين من ثقل الحاضر. أكثر من 374 دونمًا صودرت لصالح مستوطنتي "نيلي" و"نعله"، والجدار يهدد ابتلاع نحو 695 دونمًا إضافية من أراضيها، فيما تنخر الكسارة الإسرائيلية التلال القريبة وتترك أثرًا بيئيًا مدمرًا. هكذا تعيش القرية يوميًا بين ذاكرة تُصر على البقاء وواقع يضغط بكل أدوات المصادرة والعزل.

من حول هذا البئر الأثري، نشأ مشروع "تأهيل الحديقة وبئر شبتين" على مساحة 250 مترًا مربعًا، أعيد تأهيل الساحات لتضم مقاعد مظللة، ملاعب آمنة للأطفال، وكافتيريا صغيرة تفتح فرص عمل. البئر نفسه جرى ترميمه بعناية ليبقى حاضرًا في قلب التصميم، كجسر يربط بين الذاكرة الجماعية وحياة القرية اليومية. المشروع يخدم 1,278 نسمة، 40% منهم من المناطق المسماة "ج"، وأكثر من نصفهم من النساء والشباب. أثره امتد إلى زيادة بنسبة 24% في إيرادات المجلس المحلي لعام 2025، وخلق 12 فرصة عمل جديدة دعمت الأسر المحلية.

وأهمية الحديقة تتجاوز حدود شبتين؛ فهي تخدم ثمانية تجمعات سكانية محيطة: شبتين، شقبا، قبيا، بدرس، خربثا بني حارث، دير قديس، المدية، ونعلين. لتصبح نموذجًا حيًا لكيف يمكن لفضاء عام واحد أن يربط بين قرى مختلفة، ويوفر متنفسًا جماعيًا في بيئة تعاني من حرمان مزمن وتقييد للتخطيط.

 

نُفذ المشروع في إطار برنامج التنمية المستدامة من خلال النهوض بقطاع الحكم المحلي (SDLG) الممول من وزارة الخارجية الهولندية والمنفذ من VNG International، ومبادرة المنح الفرعية التي ينفذها الاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وبمساهمة من وزارة السياحة الفلسطينية. هذه الشراكة لم تكن بديلًا عن الدور المحلي، بل تعزيزًا له؛ حيث قادت الهيئات الفلسطينية نفسها عملية التنفيذ، وأثبتت أن التنمية في المناطق المسماة "ج" أداة لحماية الوجود وترسيخ الصمود.