دير أبو ضعيف | حديقة دير أبو ضعيف العامة
في دير أبو ضعيف، لم تكن الحديقة العامة مجرد مشروع بيئي جديد، بل استجابة لحاجة ملحّة للسكان الذين افتقدوا لسنوات مساحة خضراء تُعيد التوازن إلى حياتهم اليومية. في المناطق المسماة "ج"، حيث تُكبّل إمكانيات التخطيط وتُعيق القيود أي توسع حضري أو تنموي، جاء المشروع ليؤكد أن الحق في بيئة صحية ليس رفاهية، بل جزء أصيل من مقومات الصمود والعيش الكريم.
حديقة دير أبو ضعيف العامة وُلدت كفكرة بسيطة، لكنها نُفذت برؤية تنموية بعيدة المدى. فقد تحولت من مجرد مساحة للترفيه إلى أصل استثماري مُدار بشراكة ذكية بين المجلس القروي والقطاع الخاص، ما ضمن استدامتها المالية وحرر المجلس من عبء التكاليف التشغيلية. وبدل أن تكون الحديقة عبئًا على الموازنة، أصبحت رافدًا اقتصاديًا يعزز قدرة المجلس على تقديم خدمات جديدة وتنفيذ مبادرات تنموية أخرى.
الأثر الاقتصادي بدا واضحًا منذ البداية: 30 فرصة عمل جديدة أُتيحت لشباب القرية، وعائد مالي إضافي يرفد موازنة المجلس ويُعيد ضخ الموارد في مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة. لكن الأهم أن المشروع قدّم نموذجًا عمليًا لكيفية تحويل المساحات الخالية إلى مشاريع إنتاجية قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
أما الأثر الاجتماعي، فقد تجاوز فكرة الاستفادة الفردية. فمنذ مراحل التنفيذ الأولى، انخرط السكان في العمل التطوعي، وأسهموا في تشكيل فريق دائم يتولى المساهمة في إدارة الحديقة وصيانتها. هذا الانخراط جعل المشروع ملكًا للمجتمع قبل أن يكون ملكًا للمجلس، ورسّخ فكرة "المكان المشترك" الذي يشعر الجميع بالانتماء إليه والمسؤولية عنه.

بيئيًا، قدّمت الحديقة متنفسًا طبيعيًا في قلب القرية، يحسّن الصحة العامة، ويعيد للأهالي شعورًا بالانسجام مع محيطهم. لكنها أيضًا حملت بُعدًا سياسيًا غير مباشر: ففي وجه واقع يفرض الحصار على التنمية في مناطق "ج"، أثبتت الحديقة أن إرادة المجتمع قادرة على كسر القيود وخلق فضاءات حياة جديدة.
إن قصة حديقة دير أبو ضعيف العامة تُلخّص كيف يمكن لمشروع محلي أن يجمع بين التنمية الاقتصادية، والتمكين الاجتماعي، والحفاظ على البيئة، وتجسيد رسالة وطنية في آن واحد. فهي ليست مجرد مساحة خضراء، بل شهادة على أن التخطيط الذكي والعمل التشاركي قادران على تحويل أبسط الأفكار إلى مشاريع استراتيجية تحمل أثرًا مضاعفًا على المجتمع.
هذا المشروع جزء من برنامج المنح الفرعية الذي ينفذه الاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية في المناطق المسماة "ج". المبادرات المنبثقة عن هذا البرنامج ليست مجرد تحسين للبنية التحتية، بل أدوات عملية لتثبيت الناس في أرضهم، وتوسيع مساحات الحياة في وجه الحصار والمصادرة، وتحويل التنمية إلى فعل صمود يومي يحفظ الحق والذاكرة والوجود.
بتمويل من: الاتحاد الأوروبي والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون