فقوعة | حديقة ومنتزه عام
على تلال قرية فقوعة الخلابة، لم تكن فكرة إنشاء حديقة مجرد إضافة مساحة خضراء، بل كانت فرصة لإعادة تصميم الفضاء العام على أساس مبدأ "المكان للجميع". اليوم، يمثل منتزه فقوعة العام نموذجًا رائدًا في التنمية الشاملة، حيث لم يتم تصميمه ليكون متاحًا ومرحبًا بكل فرد في المجتمع دون استثناء.
يكمن جوهر هذا المشروع في فلسفة "الشمولية" التي تم تطبيقها في كل تفاصيله. فمنذ اللحظة الأولى، لم يكن المنتزه مجرد مساحات عشبية، بل تم التخطيط له ليحتوي على مسرح خارجي، ومرافق مخصصة للنساء والأطفال، والأهم من ذلك، مرافق مهيأة بالكامل لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة. هذا التصميم المدروس يضمن أن الحديقة ليست مجرد مكان يمكن للجميع رؤيته، بل مكان يمكن للجميع استخدامه والاستمتاع به، محولًا مفهوم الشمولية من شعار إلى واقع ملموس.
لكن قصة نجاح المنتزه لا تقتصر على تصميمه الهندسي، بل تمتد إلى "هندسته الاجتماعية". فالمشروع لم يكن مبادرة من جهة واحدة، بل كان ثمرة تحالف واسع وغير مسبوق في القرية. فإلى جانب الشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص التي ضمنت الاستدامة المالية وخلق 32 فرصة عمل، تم بناء شبكة تعاون فريدة ضمت مجلس قروي فقوعة، والمركز النسوي، وجمعية الأمل للمعاقين، والجمعية التعاونية الاستهلاكية.

هذا التحالف الواسع يعني أن كل فئة في المجتمع كان لها صوت في تخطيط المشروع وتنفيذه. جمعية الأمل ضمنت أن تكون احتياجات ذوي الإعاقة في صلب التصميم، والمركز النسوي ساهم في التأكد من أن الحديقة توفر مساحات آمنة ومريحة للنساء والأطفال. هذا النموذج من "الشراكة الموسعة" يضمن أن المشروع لا يلبي احتياجات المجتمع فحسب، بل يعكس تطلعاته وقيمه.
بهذا، يتجاوز منتزه فقوعة كونه مجرد مشروع بنية تحتية. إنه يقدم درسًا في كيفية بناء مجتمعات أكثر تماسكًا وشمولية، حيث لا يُترك أحد خلف الركب. إنه يثبت أن التنمية الحقيقية لا تقاس فقط بالمساحات الخضراء أو الإيرادات المالية، بل بقدرتها على خلق فضاءات تجمع الناس على اختلافهم، وتعزز شعورهم بالانتماء والمسؤولية المشتركة تجاه مكانهم.


هذا المشروع جزء من برنامج المنح الفرعية الذي ينفذه الاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية في المناطق المسماة "ج". المبادرات المنبثقة عن هذا البرنامج ليست مجرد تحسين للبنية التحتية، بل أدوات عملية لتثبيت الناس في أرضهم، وتوسيع مساحات الحياة في وجه الحصار والمصادرة، وتحويل التنمية إلى فعل صمود يومي يحفظ الحق والذاكرة والوجود.
بتمويل من: الاتحاد الأوروبي والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون