خربثا بني حارث | تأهيل وتوسعة حديقة المجلس القروي
خربثا بني حارث، قرية فلسطينية إلى الغرب من رام الله، على بُعد 23 كيلومترًا، يستقر اسمها في الذاكرة الجمعية بين أصلين: أحدهما يحيل إلى "الخرب" المنتشرة في محيطها، والآخر إلى "الحارث" – إما القائد الفاتح أو القبيلة اليمنية العريقة. ورغم غِنى هذا الامتداد التاريخي، تجد القرية نفسها اليوم ضمن المناطق المسماة "ج"، حيث تُقيَّد فرص التنمية وتُعطَّل البنى التحتية بفعل المعوّقات المفروضة على الأرض والناس.
في ظل هذا الواقع، برز مشروع "إعادة تأهيل وتوسعة حديقة المجلس القروي" كأحد التدخلات النوعية التي تنبع من حاجة مجتمعية حقيقية، لا تكتفي بمعالجة غياب الفضاءات العامة، بل تسعى إلى إعادة تعريف دورها كأداة لإعادة بناء العلاقة بين المواطن ومحيطه.
لم يكن الهدف إعادة تأهيل موقع قائم فحسب، بل إطلاق مساحة قادرة على احتضان الناس، وتحويل الحديقة إلى بيئة جامعة، آمنة، ومفتوحة. وقد شكّل تزايد الإقبال على الموقع بعد تطويره مؤشّرًا واضحًا على أهمية المشروع، لا بوصفه مرفقًا ترفيهيًا فقط، بل كأداة لخلق تواصل اجتماعي فعّال يُعيد إلى المكان طابعه الإنساني.
الجدوى الاقتصادية لم تغب عن المشروع. فقد أسهم في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ورفد المجلس القروي بإيرادات إضافية عززت من قدرته على الاستمرار في تقديم الخدمات. كما أرست الشراكة مع القطاع الخاص نموذجًا متقدمًا للإدارة المستدامة، يرتكز على الكفاءة ويعزز استمرارية المشروع بعيدًا عن الاعتماد الكامل على التمويل الخارجي.
ومن حيث البعد المجتمعي، يُعد المشروع انعكاسًا لروح المشاركة والملكية الجماعية. اختار المجتمع فكرته، وشارك في تنفيذه من خلال لجنة محلية ضمّت النساء والشباب، وأسهم العمل التطوعي في تجذير ثقافة الانتماء. كما تأسس فريق شبابي داعم لإدارة الحديقة، ما ضمن ترسيخ المشروع كجزء من وعي الناس اليومي، وليس كإنجاز عابر.
لقد أصبحت حديقة خربثا بني حارث شاهد على ما يمكن أن تحققه المجتمعات حين تتاح لها أدوات التنظيم والمشاركة، ودليل على أن التنمية، حتى في أصعب الظروف، ممكنة حين تتقاطع إرادة الناس مع الرؤية والقدرة على الفعل.
هذا المشروع جزء من برنامج المنح الفرعية الذي ينفذه الاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية في المناطق المسماة "ج". المبادرات المنبثقة عن هذا البرنامج ليست مجرد تحسين للبنية التحتية، بل أدوات عملية لتثبيت الناس في أرضهم، وتوسيع مساحات الحياة في وجه الحصار والمصادرة، وتحويل التنمية إلى فعل صمود يومي يحفظ الحق والذاكرة والوجود.
بتمويل من: الاتحاد الأوروبي والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون